دونالد بوستورم .. البطل الذي فضح جريمة إسرائيل الخفية
محيط -
[دونالد بوستروم]
دونالد بوستروم
لم يكن أحد في إسرائيل يتصور أن يخرج فجأة شخص من السويد ويفضح جريمة خفية مضى عليها حوالي 20 عاما وتظهر بكل وضوح الوجه القبيح للكيان الصهيوني ، بل وأجبر تل أبيب أيضا على الرضوخ للأمر الواقع وكشف المستور في هذا الصدد ، ففي 18 ديسمبر / كانون الأول اعترف الدكتور يهودا هيس مدير معهد الأدلة الجنائية الإسرائيلية السابق بانتزاع أعضاء بشرية خلال التسعينيات من القرن الماضي من جثامين موتى فلسطينيين .
ورغم أن بعض تفاصيل الجريمة السابقة كانت ظهرت لأول مرة في أكاديمية أمريكية استضافت عام 2000 يهودا هيس الرئيس السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي "أبو كابر"، إلا أن إسرائيل سارعت حينها للضغط على الأكاديمية لإخفاء هذا الأمر ، ويبدو أن الضجة التي أثيرت مؤخرا حول الموضوع على خلفية تحقيق نشرته جريدة سويدية وذهب إلى أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين عمدا بهدف الاستيلاء على أعضائهم البشرية هو الذي فتح الملفات الخفية من جديد وأجبر إسرائيل على الاعتراف بما كانت ترفضه في السابق.
وكانت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي بثت تقريرا في 18 ديسمبر يتضمن تفاصيل الجريمة السابقة وخاصة التصريحات التي أدلى بها يهودا هيس في الأكاديمية الأمريكية عام 2000 .
وقال هيس في هذا الصدد :" خبراء الطب الشرعي في معهد أبو كابر حصلوا على قطع من الجلد وقرنيات وصمامات القلب وعظام أخذت من جثامين قتلى فلسطينيين وعمال أجانب دون الحصول على موافقة من أقاربهم".
وأضاف " بدأنا في الحصول على القرنيات (الغشاء الخارجي للعيون) وبغض النظر عما جرى فإنه حصل بطريقة غير رسمية إذ لم نحصل على إذن العائلة المعنية ، خبراء الطب الشرعي كانوا يخفون عمليات نزع القرنيات من عيون الجثامين ، كنا نغلق الجفون باستخدام مواد غروية".
ويبقى التساؤل الجوهري " لماذا اعترفت إسرائيل بالجريمة في هذا التوقيت ؟".
والإجابة أن اصرار الصحفي السويدي دونالد بوستورم الذي كشف الجريمة على موقفه ورفض بلاده الاعتذار لإسرائيل رغم الضغوط التي تعرضت لها هي أمور أحرجت تل أبيب بشدة خاصة وأن بوستورم واصل التحدي عندما زارها في 3 نوفمبر الماضي وطالب من داخلها بالتحقيق في هذا الأمر .
ولذا سرعان ما اعترف الجيش الإسرائيلي بأن هذه الممارسة تمت بالفعل ، إلا أنه زعم أن هذا النشاط انتهى منذ عقد مضى ولم يعد يمارس أبدا ، كما أنه كان يشمل إسرائيليين بجانب الفلسطينيين .
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي في 19 ديسمبر " الدكتور هيس أقيل من منصبه في 2004 بسبب المخالفات المتعلقة باستخدام الأعضاء البشرية " ، مشيرا إلى أن هيس تولى منصبه كمدير معهد الطب الشرعي الذي يخضع لإشراف الجيش ووزارة الصحة عام 1988 .
وأضاف البيان أنه في العام 1986 تم إنشاء وحدة جديدة في المعهد أطلق عليها "بنك الجلد" وكان الهدف منها توفير الجلد للمصابين في حالات الحروق أو العمليات العسكرية أو الكوارث الطبيعية ، قائلا :"لم نكن نأخذ قرنيات من عيون جثامين كنا نعرف أن أقاربهم يمكن أن يفتحوا الجفون".
وانتهى بيان الجيش الإسرائيلي إلى القول إن هذه الممارسة انتهت بعد اكتشاف عائلة يهودية للموضوع بعد مقتل ابنها الجندي ، ففي أعقاب فتح نعشه وفحص الجثة من قبل طبيب تبين أنه تم أخذ أعضاء من الجثة ورفعت قضية ضد الحكومة والجيش وضد الدكتور هيس نفسه.
[شهداء فلسطينيون]
شهداء فلسطينيون
المزاعم السابقة تحاول فيما يبدو امتصاص غضب الرأي العام العالمي وخاصة منظمات حقوق الإنسان بعد تفجر الفضيحة ، إلا أن قيام المدعي العام الإسرائيلي مؤخرا بإسقاط التهم الجنائية عن الدكتور هيس الذي لا يزال يشغل منصب كبير الخبراء الجنائيين في المعهد المذكور ، يؤكد أن تلك الجرائم مقننة ولم تتوقف يوما وهذا ما تأكد في تقرير الصحفي السويدي .
ودونالد بوستورم هو صحفي وكاتب ومصور سويدي وقد اشتهر بكتاباته المتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي وضم كتابه "إن شاء الله" 200 صورة التقطها في فلسطين المحتلة رصد من خلالها معاناة الفلسطينيين اليومية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وفي 17 أغسطس / آب الماضي ، نشرت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية تقريرا لمراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة دونالد بوستروم أفاد فيه بأن جنوداً إسرائيليين قاموا عمدا بقتل شبان وأطفال فلسطينيين لسرقة أعضائهم والمتاجرة بها ، قائلا :" إسرائيل كانت تعتقل شبانا فلسطينيين في الليل وتقتلهم وتستأصل أعضاءهم وتدفنهم بسرية".
وأضاف أنه كان موجوداً في الضفة الغربية عام 1992 عندما جلبت السلطات الإسرائيلية جثة فلسطيني يدعى بلال أحمد غانم وقد قالت عائلته آنذاك إن الجيش الإسرائيلي سرق بعض أعضائه، وسمع بعد ذلك روايات مماثلة من 20 عائلة فلسطينية أخرى تسلمت جثث أبنائها وقد ظهرت فيها آثار عمليات جراحية.
وكشف أنه سعى لتصوير تحقيق وثائقي عن القضية ، غير أن الأحداث الأمنية التي أدت إلى إغلاق المعابر نحو الضفة الغربية وغزة حالت دون ذلك، مضيفاً أنه لم يتمكن من العثور على منظمات إنسانية مهتمة بالقضية.
ولفت الصحفي السويدي إلى أن قرار السلطات الإسرائيلية تشريح جثث الفلسطينيين الذين يسقطون برصاص جيشها غير مفهوم، لأن أسباب الوفاة واضحة ، معتبرا أن هذا الأمر قد يقود إلى إجراء تحقيق دولي فيما وصفه بـ"جريمة حرب" من قبل الجيش الإسرائيلي.
وبعد نشر التقرير السابق وفي أول ظهور إعلامي له على شاشات الفضائيات العربية بعد تفجر فضيحة سرقة الأعضاء ، أعرب الصحفى السويدي دونالد بوستروم عن خيبة أمله إزاء ردود الفعل العربية والفلسطينية والمجتمع الدولي تجاه القضية التى فجرها .
انتقاد الموقف العربي
وفى حديث أدلى به لقناة "الجزيرة" الإخبارية في 21 أكتوبر / تشرين الأول ، قال بوستورم : "العرب والفلسطينيون خذلونى حيث لم يحركوا ساكنا تجاه هذه القضية ، كنت أتوقع رد فعل عربي قوى" ، وتساءل : أين رد فعل الحكومات العربية وجامعة الدول العربية؟.
ووصف رد الفعل الإسرائيلي بـ"الغبي" ، وقال: "إنه كان غبياً لأقصى درجة ، سمونى انا وحكومتي بمعاداة السامية لاننى فضحتهم أمام العالم".
وأكد أن تقريره شجع الكثير من الصحفيين على مستوى العالم وحفزهم على تناول مثل هذه الموضوعات التى كانوا يعتبرونها خطا أحمر وكان الجميع خائف من الدخول فى هذه المنطقة فى إشارة إلى إسرائيل.
وتابع " اليهود أصبحوا فى مأزق بعد نشر مقال سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين والدليل موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما منهم وتقرير جولدستون الذى أدان الإنتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة وسماهم بمجرمى حرب.
وفيما يتعلق بقصة بلال أحمد غانم ، قال بوستورم: "القضية بدأت بشاب فلسطيني يبلغ من العمر 19 عاما وكان يقوم برمي الاحتلال الحجارة، وفي أحد الأيام كان يمشي في الشارع عائدا إلى منزله وشاهده جنود إسرائيليون فأطلقوا النار عليه ونقلوه إلى مكان آخر، وكان ذلك في 13 مايو/حزيران 1992 وبعد خمسة أيام أعادوا الجثة في الساعة الواحدة والنصف ليلا".
وردا على سؤال عما إذا كان لديه دليلا واضحا على ما كتبه في المقال ، أكد بوستورم أنه كان في قلقيلية حين أعيدت الجثة إلى بلدة اماتين ، وقال: "كنت موجودا في إحدى الليالي حين أعاد الاحتلال جثة الشاب وأخذت الصور حينها ".
[جرائم الاحتلال تتواصل]
جرائم الاحتلال تتواصل
وفيما يتعلق بوجود قصص أخري شبيهة بقصة الشهيد بلال ، قال بوستورم :" كانت لدى لائحة على الكمبيوتر من اثنين وخمسين شابا فلسطينيا قتلوا رميا بالرصاص ونقلت جثثهم إلى مركز أبو كبير للتشريح القريب من تل أبيب وبعد ذلك أعاد جنود إسرائيليون الجثث إلى القرى الفلسطينية ، تحدثت إلى حوالي عشرين من عائلات الفلسطينيين وأخبروني القصة نفسها ، أحشاء فارغة ولا يوجد أعضاء ".
وبالنسبة للمشككين فى تقريره ، أجاب " تقريري يقول الحقيقة وإسرائيل تنتهك القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كل يوم ولا يريدون من أحد أن يكتب عن ذلك وعندما يكتب أحد عن ذلك لا يروق لهم، خاصة في مثل هذه القضايا التي يرونها حساسة، والحكومة الإسرائيلية تحاول أن تستخدم هذا المقال لأسباب سياسية لكسب المزيد من الدعم".
وعن المكان الذي يستخدم لهذا الغرض ، قال بوستورم إن مركز أبو كبير الذى تشرح فيه جثث الشهداء ينشر قائمة أسعار لبيع وشراء الأعضاء حيث تبلغ الكلية مثلاً 10 آلاف دولار عند التشريح فى حين يتم بيعها فى أمريكا بـ150 ألف دولار لأن تجارة الأعضاء رابحة جدا .
واختتم بوستورم قائلا : " سوف أستمر فى رسالتى التى بدأت فيها منذ 25 سنة مضت ونشرت خمسة كتب ولن أتراجع على الرغم من إننى سمعت أنهم أصدروا قرارا بمنعى من دخول الأراضي الفلسطينية ، لكننى سأقاومهم وبالطبع سوف استمر".
وبالفعل واصل تحدي إسرائيل وقام بزيارتها في 3 نوفمبر الماضي غير عابيء بالتهديدات التي أطلقها متطرفون يهود بقتله ، بل ودعا من هناك إلى إجراء تحقيق فوري حول ما نشره من اتهامات للجيش الإسرائيلي بسرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين ، قائلا :" هذه قضية حقوق إنسان ".
تأييد حكومي وشعبي
ويبدو أن بوستورم يستند في تحديه لإسرائيل أولا لشجاعته وثانيا لموقف حكومته الداعم له ، حيث أكد أن الحكومة السويدية كانت على علم بالتقرير قبل نشره ، هذا بجانب أن إسرائيل التي بذلت أقصى طاقتها لدفع السويد للاعتذار واجهت رفضا قاطعا وعزت الحكومة السويدية هذا الموقف إلى أن الصحافة الحرة هي أحد أعمدة الديمقراطية السويدية حيث يعود إقرار أول قانون حول حرية التعبير إلى العام 1766.
ونقلت "سفينسكا داغبلاديت" عن رئيس الحكومة السويدية فريدريك رينفيلت قوله في هذا الصدد :" لا يمكن التوجه إلى الحكومة السويدية والطلب منها بأن تخرق الدستور السويدي".
ويبقى رد الفعل الشعبي هو الأهم ، ففي 27 أغسطس / آب الماضي ، نشرت صحيفة "سفينسكا داغبلاديت" السويدية استطلاعا للرأي أظهر أن أغلبية السويديين يعارضون قيام الحكومة أو جريدة "أفتونبلاديت" التي نشرت مقال بوستروم بتقديم اعتذار إلى إسرائيل ، وجاء في الاستطلاع الذي شارك فيه أكثر من 24 ألف شخص أن 56% من السويديين يعارضون تقديم اعتذار لإسرائيل .
والخلاصة أن السويد التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي كان لها دور حاسم في فضح جرائم إسرائيل ، وكلنا أمل أن يظهر كثيرون في العالم العربي والغرب بشجاعة وبطولة الصحفي دونالد بوستورم ، الذي لم يكتف بفضح إسرائيل فقط بل إنه انتزع منها أيضا الاعتراف بجريمة كانت خفية منذ 20 عاما.
محيط -
[دونالد بوستروم]
دونالد بوستروم
لم يكن أحد في إسرائيل يتصور أن يخرج فجأة شخص من السويد ويفضح جريمة خفية مضى عليها حوالي 20 عاما وتظهر بكل وضوح الوجه القبيح للكيان الصهيوني ، بل وأجبر تل أبيب أيضا على الرضوخ للأمر الواقع وكشف المستور في هذا الصدد ، ففي 18 ديسمبر / كانون الأول اعترف الدكتور يهودا هيس مدير معهد الأدلة الجنائية الإسرائيلية السابق بانتزاع أعضاء بشرية خلال التسعينيات من القرن الماضي من جثامين موتى فلسطينيين .
ورغم أن بعض تفاصيل الجريمة السابقة كانت ظهرت لأول مرة في أكاديمية أمريكية استضافت عام 2000 يهودا هيس الرئيس السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي "أبو كابر"، إلا أن إسرائيل سارعت حينها للضغط على الأكاديمية لإخفاء هذا الأمر ، ويبدو أن الضجة التي أثيرت مؤخرا حول الموضوع على خلفية تحقيق نشرته جريدة سويدية وذهب إلى أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين عمدا بهدف الاستيلاء على أعضائهم البشرية هو الذي فتح الملفات الخفية من جديد وأجبر إسرائيل على الاعتراف بما كانت ترفضه في السابق.
وكانت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي بثت تقريرا في 18 ديسمبر يتضمن تفاصيل الجريمة السابقة وخاصة التصريحات التي أدلى بها يهودا هيس في الأكاديمية الأمريكية عام 2000 .
وقال هيس في هذا الصدد :" خبراء الطب الشرعي في معهد أبو كابر حصلوا على قطع من الجلد وقرنيات وصمامات القلب وعظام أخذت من جثامين قتلى فلسطينيين وعمال أجانب دون الحصول على موافقة من أقاربهم".
وأضاف " بدأنا في الحصول على القرنيات (الغشاء الخارجي للعيون) وبغض النظر عما جرى فإنه حصل بطريقة غير رسمية إذ لم نحصل على إذن العائلة المعنية ، خبراء الطب الشرعي كانوا يخفون عمليات نزع القرنيات من عيون الجثامين ، كنا نغلق الجفون باستخدام مواد غروية".
ويبقى التساؤل الجوهري " لماذا اعترفت إسرائيل بالجريمة في هذا التوقيت ؟".
والإجابة أن اصرار الصحفي السويدي دونالد بوستورم الذي كشف الجريمة على موقفه ورفض بلاده الاعتذار لإسرائيل رغم الضغوط التي تعرضت لها هي أمور أحرجت تل أبيب بشدة خاصة وأن بوستورم واصل التحدي عندما زارها في 3 نوفمبر الماضي وطالب من داخلها بالتحقيق في هذا الأمر .
ولذا سرعان ما اعترف الجيش الإسرائيلي بأن هذه الممارسة تمت بالفعل ، إلا أنه زعم أن هذا النشاط انتهى منذ عقد مضى ولم يعد يمارس أبدا ، كما أنه كان يشمل إسرائيليين بجانب الفلسطينيين .
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي في 19 ديسمبر " الدكتور هيس أقيل من منصبه في 2004 بسبب المخالفات المتعلقة باستخدام الأعضاء البشرية " ، مشيرا إلى أن هيس تولى منصبه كمدير معهد الطب الشرعي الذي يخضع لإشراف الجيش ووزارة الصحة عام 1988 .
وأضاف البيان أنه في العام 1986 تم إنشاء وحدة جديدة في المعهد أطلق عليها "بنك الجلد" وكان الهدف منها توفير الجلد للمصابين في حالات الحروق أو العمليات العسكرية أو الكوارث الطبيعية ، قائلا :"لم نكن نأخذ قرنيات من عيون جثامين كنا نعرف أن أقاربهم يمكن أن يفتحوا الجفون".
وانتهى بيان الجيش الإسرائيلي إلى القول إن هذه الممارسة انتهت بعد اكتشاف عائلة يهودية للموضوع بعد مقتل ابنها الجندي ، ففي أعقاب فتح نعشه وفحص الجثة من قبل طبيب تبين أنه تم أخذ أعضاء من الجثة ورفعت قضية ضد الحكومة والجيش وضد الدكتور هيس نفسه.
[شهداء فلسطينيون]
شهداء فلسطينيون
المزاعم السابقة تحاول فيما يبدو امتصاص غضب الرأي العام العالمي وخاصة منظمات حقوق الإنسان بعد تفجر الفضيحة ، إلا أن قيام المدعي العام الإسرائيلي مؤخرا بإسقاط التهم الجنائية عن الدكتور هيس الذي لا يزال يشغل منصب كبير الخبراء الجنائيين في المعهد المذكور ، يؤكد أن تلك الجرائم مقننة ولم تتوقف يوما وهذا ما تأكد في تقرير الصحفي السويدي .
ودونالد بوستورم هو صحفي وكاتب ومصور سويدي وقد اشتهر بكتاباته المتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي وضم كتابه "إن شاء الله" 200 صورة التقطها في فلسطين المحتلة رصد من خلالها معاناة الفلسطينيين اليومية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وفي 17 أغسطس / آب الماضي ، نشرت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية تقريرا لمراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة دونالد بوستروم أفاد فيه بأن جنوداً إسرائيليين قاموا عمدا بقتل شبان وأطفال فلسطينيين لسرقة أعضائهم والمتاجرة بها ، قائلا :" إسرائيل كانت تعتقل شبانا فلسطينيين في الليل وتقتلهم وتستأصل أعضاءهم وتدفنهم بسرية".
وأضاف أنه كان موجوداً في الضفة الغربية عام 1992 عندما جلبت السلطات الإسرائيلية جثة فلسطيني يدعى بلال أحمد غانم وقد قالت عائلته آنذاك إن الجيش الإسرائيلي سرق بعض أعضائه، وسمع بعد ذلك روايات مماثلة من 20 عائلة فلسطينية أخرى تسلمت جثث أبنائها وقد ظهرت فيها آثار عمليات جراحية.
وكشف أنه سعى لتصوير تحقيق وثائقي عن القضية ، غير أن الأحداث الأمنية التي أدت إلى إغلاق المعابر نحو الضفة الغربية وغزة حالت دون ذلك، مضيفاً أنه لم يتمكن من العثور على منظمات إنسانية مهتمة بالقضية.
ولفت الصحفي السويدي إلى أن قرار السلطات الإسرائيلية تشريح جثث الفلسطينيين الذين يسقطون برصاص جيشها غير مفهوم، لأن أسباب الوفاة واضحة ، معتبرا أن هذا الأمر قد يقود إلى إجراء تحقيق دولي فيما وصفه بـ"جريمة حرب" من قبل الجيش الإسرائيلي.
وبعد نشر التقرير السابق وفي أول ظهور إعلامي له على شاشات الفضائيات العربية بعد تفجر فضيحة سرقة الأعضاء ، أعرب الصحفى السويدي دونالد بوستروم عن خيبة أمله إزاء ردود الفعل العربية والفلسطينية والمجتمع الدولي تجاه القضية التى فجرها .
انتقاد الموقف العربي
وفى حديث أدلى به لقناة "الجزيرة" الإخبارية في 21 أكتوبر / تشرين الأول ، قال بوستورم : "العرب والفلسطينيون خذلونى حيث لم يحركوا ساكنا تجاه هذه القضية ، كنت أتوقع رد فعل عربي قوى" ، وتساءل : أين رد فعل الحكومات العربية وجامعة الدول العربية؟.
ووصف رد الفعل الإسرائيلي بـ"الغبي" ، وقال: "إنه كان غبياً لأقصى درجة ، سمونى انا وحكومتي بمعاداة السامية لاننى فضحتهم أمام العالم".
وأكد أن تقريره شجع الكثير من الصحفيين على مستوى العالم وحفزهم على تناول مثل هذه الموضوعات التى كانوا يعتبرونها خطا أحمر وكان الجميع خائف من الدخول فى هذه المنطقة فى إشارة إلى إسرائيل.
وتابع " اليهود أصبحوا فى مأزق بعد نشر مقال سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين والدليل موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما منهم وتقرير جولدستون الذى أدان الإنتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة وسماهم بمجرمى حرب.
وفيما يتعلق بقصة بلال أحمد غانم ، قال بوستورم: "القضية بدأت بشاب فلسطيني يبلغ من العمر 19 عاما وكان يقوم برمي الاحتلال الحجارة، وفي أحد الأيام كان يمشي في الشارع عائدا إلى منزله وشاهده جنود إسرائيليون فأطلقوا النار عليه ونقلوه إلى مكان آخر، وكان ذلك في 13 مايو/حزيران 1992 وبعد خمسة أيام أعادوا الجثة في الساعة الواحدة والنصف ليلا".
وردا على سؤال عما إذا كان لديه دليلا واضحا على ما كتبه في المقال ، أكد بوستورم أنه كان في قلقيلية حين أعيدت الجثة إلى بلدة اماتين ، وقال: "كنت موجودا في إحدى الليالي حين أعاد الاحتلال جثة الشاب وأخذت الصور حينها ".
[جرائم الاحتلال تتواصل]
جرائم الاحتلال تتواصل
وفيما يتعلق بوجود قصص أخري شبيهة بقصة الشهيد بلال ، قال بوستورم :" كانت لدى لائحة على الكمبيوتر من اثنين وخمسين شابا فلسطينيا قتلوا رميا بالرصاص ونقلت جثثهم إلى مركز أبو كبير للتشريح القريب من تل أبيب وبعد ذلك أعاد جنود إسرائيليون الجثث إلى القرى الفلسطينية ، تحدثت إلى حوالي عشرين من عائلات الفلسطينيين وأخبروني القصة نفسها ، أحشاء فارغة ولا يوجد أعضاء ".
وبالنسبة للمشككين فى تقريره ، أجاب " تقريري يقول الحقيقة وإسرائيل تنتهك القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كل يوم ولا يريدون من أحد أن يكتب عن ذلك وعندما يكتب أحد عن ذلك لا يروق لهم، خاصة في مثل هذه القضايا التي يرونها حساسة، والحكومة الإسرائيلية تحاول أن تستخدم هذا المقال لأسباب سياسية لكسب المزيد من الدعم".
وعن المكان الذي يستخدم لهذا الغرض ، قال بوستورم إن مركز أبو كبير الذى تشرح فيه جثث الشهداء ينشر قائمة أسعار لبيع وشراء الأعضاء حيث تبلغ الكلية مثلاً 10 آلاف دولار عند التشريح فى حين يتم بيعها فى أمريكا بـ150 ألف دولار لأن تجارة الأعضاء رابحة جدا .
واختتم بوستورم قائلا : " سوف أستمر فى رسالتى التى بدأت فيها منذ 25 سنة مضت ونشرت خمسة كتب ولن أتراجع على الرغم من إننى سمعت أنهم أصدروا قرارا بمنعى من دخول الأراضي الفلسطينية ، لكننى سأقاومهم وبالطبع سوف استمر".
وبالفعل واصل تحدي إسرائيل وقام بزيارتها في 3 نوفمبر الماضي غير عابيء بالتهديدات التي أطلقها متطرفون يهود بقتله ، بل ودعا من هناك إلى إجراء تحقيق فوري حول ما نشره من اتهامات للجيش الإسرائيلي بسرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين ، قائلا :" هذه قضية حقوق إنسان ".
تأييد حكومي وشعبي
ويبدو أن بوستورم يستند في تحديه لإسرائيل أولا لشجاعته وثانيا لموقف حكومته الداعم له ، حيث أكد أن الحكومة السويدية كانت على علم بالتقرير قبل نشره ، هذا بجانب أن إسرائيل التي بذلت أقصى طاقتها لدفع السويد للاعتذار واجهت رفضا قاطعا وعزت الحكومة السويدية هذا الموقف إلى أن الصحافة الحرة هي أحد أعمدة الديمقراطية السويدية حيث يعود إقرار أول قانون حول حرية التعبير إلى العام 1766.
ونقلت "سفينسكا داغبلاديت" عن رئيس الحكومة السويدية فريدريك رينفيلت قوله في هذا الصدد :" لا يمكن التوجه إلى الحكومة السويدية والطلب منها بأن تخرق الدستور السويدي".
ويبقى رد الفعل الشعبي هو الأهم ، ففي 27 أغسطس / آب الماضي ، نشرت صحيفة "سفينسكا داغبلاديت" السويدية استطلاعا للرأي أظهر أن أغلبية السويديين يعارضون قيام الحكومة أو جريدة "أفتونبلاديت" التي نشرت مقال بوستروم بتقديم اعتذار إلى إسرائيل ، وجاء في الاستطلاع الذي شارك فيه أكثر من 24 ألف شخص أن 56% من السويديين يعارضون تقديم اعتذار لإسرائيل .
والخلاصة أن السويد التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي كان لها دور حاسم في فضح جرائم إسرائيل ، وكلنا أمل أن يظهر كثيرون في العالم العربي والغرب بشجاعة وبطولة الصحفي دونالد بوستورم ، الذي لم يكتف بفضح إسرائيل فقط بل إنه انتزع منها أيضا الاعتراف بجريمة كانت خفية منذ 20 عاما.
الأربعاء مايو 03, 2017 10:22 am من طرف Admin
» معلومات مفيدة
الإثنين مايو 18, 2015 12:08 pm من طرف Admin
» بحث التسمم الغذائي
الإثنين مايو 18, 2015 12:05 pm من طرف Admin
» دورة الانجاز الاستراتيجى للمحاضر العالمى رشاد فقيها
الأربعاء ديسمبر 03, 2014 8:52 pm من طرف المستقبل المشرق
» حمل اجدد التطبيقات مجانا من شركة تواصل الاولى فى الوطن العربى
الجمعة أكتوبر 24, 2014 10:36 pm من طرف المستقبل المشرق
» Tawasol it Company the most important company programming mobile applications
الجمعة أكتوبر 24, 2014 10:36 pm من طرف المستقبل المشرق
» رفاده افضل شركات تنظيم رحلات وحملات الحج فى السعودية
السبت سبتمبر 27, 2014 8:17 pm من طرف عطرة الحياة
» مشكلتى مع تكيفى وحلها
الجمعة سبتمبر 26, 2014 6:52 pm من طرف المستقبل المشرق
» احصل على افضل الخدمات مع شركة الاناقة
الأحد سبتمبر 21, 2014 2:55 pm من طرف المستقبل المشرق
» شركة الاناقة الانشائية للمقاولات فرع المكيفات المركزى
الإثنين سبتمبر 15, 2014 5:48 pm من طرف المستقبل المشرق