منتديات علمي علمك

منتديات علمى ترحب بكل زائر

مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء 56185613
ّ@اذا كنت عضو جديد عليك الدخول الى @قسم المعلومات


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات علمي علمك

منتديات علمى ترحب بكل زائر

مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء 56185613
ّ@اذا كنت عضو جديد عليك الدخول الى @قسم المعلومات

منتديات علمي علمك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
لتصفح أفضل ورؤية اكبر لامكانيات المنتدى يرجى تحميل مستعرض موزيلا فيرفوكس@@ اذا واجهتك مشكلة بالتسجيل او تنشيط الحساب يرجى الاتصال بنا من هنا

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» مراجعة الابحاث العلمية
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالأربعاء مايو 03, 2017 10:22 am من طرف Admin

» معلومات مفيدة
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالإثنين مايو 18, 2015 12:08 pm من طرف Admin

» بحث التسمم الغذائي
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالإثنين مايو 18, 2015 12:05 pm من طرف Admin

»  دورة الانجاز الاستراتيجى للمحاضر العالمى رشاد فقيها
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 03, 2014 8:52 pm من طرف المستقبل المشرق

» حمل اجدد التطبيقات مجانا من شركة تواصل الاولى فى الوطن العربى
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 24, 2014 10:36 pm من طرف المستقبل المشرق

» Tawasol it Company the most important company programming mobile applications
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 24, 2014 10:36 pm من طرف المستقبل المشرق

»  رفاده افضل شركات تنظيم رحلات وحملات الحج فى السعودية
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 27, 2014 8:17 pm من طرف عطرة الحياة

» مشكلتى مع تكيفى وحلها
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 26, 2014 6:52 pm من طرف المستقبل المشرق

» احصل على افضل الخدمات مع شركة الاناقة
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 21, 2014 2:55 pm من طرف المستقبل المشرق

» شركة الاناقة الانشائية للمقاولات فرع المكيفات المركزى
مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 15, 2014 5:48 pm من طرف المستقبل المشرق

 

.: عداد زوار المنتدى :.



    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد الرسائل : 2067
    البلد : مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Male_e10
    sms : يقينى.. بالله.. يقينى
    السٌّمعَة : 27
    نقاط : 2205
    تاريخ التسجيل : 28/09/2007

    بطاقة الشخصية
    النقاط:
    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Left_bar_bleue1/1مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty_bar_bleue  (1/1)
    الهواية:

    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 01, 2009 8:27 pm

    (( مشـــاهد الأتقـيــــاء في الصبر على الإبتـــــلاء )))
    الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:
    قرأت لكم هذه الرسالة بعنوان الموضوع من جمع وإعداد الأستاذ عبد المجيد
    البيانوني، جزاه الله خيراً - جامعة لعشرين مشهداً إيمانياً، نحن في أمسّ الحاجة - تحت الظروف الراهنة - لتدارسها والعمل بها، نفعنا الله وإياكم بها ورزقنا وإياكم وجميع المسلمين الصبر على الإبتلاء...
    __________________________________________________ _________
    الإبتلاء سنة الحياة الماضية :
    "جعل الله تعالى الإبتلاء سنّة الحياة الماضية، فقال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } سورة
    الملك-2
    وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ
    مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم} سورة محمد-31
    وقال عزّ من
    قائل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} سورة البقرة-155
    وجعل الصبر زاد العقلاء، وعدّة الدعاة الألبّاء، وشعار الأصفياء، وبه
    يتفاضل المؤمنون الأتقياء، ويرتقي العابدون الأولياء.
    فهل يتصوّر ظهور فضل ذي
    الفضل، وتميّز معادن بعض الرجال عن بعض إلا بالإبتلاء والصبر ؟
    وهل عرف فضل
    أنبياء الله ورسله، وأوليائه وأهل طاعته، فكانوا موضع التأسي والإقتداء إلا بصبرهم على أذى الخلق، وتحملهم في سبيل الله ما لم يقدر عليه سواهم من الناس ؟ "اهـ.
    ""وقد أثنى الله على الصابرين، ورفع مقامهم، ووعدهم أعظم المثوبة والجزاء، فقال
    سبحانه: {... إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة الزمر-10
    ووعد الصابرين المحتسبين: {الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ
    قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } سورة البقرة: 156- 157
    وبيّن لنا في كتابه العزيز، وهدي نبيّه الكريم أن الصبر لا
    يقدر عليه إلا أولو العزائم من الرجال، فقال سبحانه:
    {... وَاصْبِرْ عَلَى مَآ
    أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُْمُورِ } سورة لقمان-17
    وقال تعالى
    : {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } سورة الشورى-43
    وقال سبحانه: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ
    الرُّسُلِ...} سورة الأحقاف-35
    كما كشف لنا في كتابه العزيز، وسنّة نبيّه
    المصطفى salla.gif وهديه salla.gif، عن حكم جليلة، وآثار حميدة للإبتلاء والصبر، لو تفكّر بها المؤمن، وعقلها كل من ابتلي بأي نوع من الإبتلاء، لعظم صبره، وقويت عزيمته وتحملّه، بل ولتلذذ بالإبتلاء، كما يتلذذ المتلذذون بلذات الدنيا الفانية، ومتعها المنغصّة، وشهواتها التي لا تنفك عن الآلام والأكدار.
    وإن يكن الأصل في
    المؤمن أن يسأل الله العافية، ويستعيذ به سبحانه من جهد البلاء، كما جاء ذلك في دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهديه في السنّة المطهرّة."اهـ.
    أنواع
    الإبتــــلاءات وأشـــدّها :
    "واعلم أخي المؤمن ! أن الإبتلاءات على ثلاثة
    أنواع:
    النوع الأول: الإبتلاء بالتكاليف الإلهية، أمراً ونهياً، وندباً وكراهة
    وإباحة، ويلحق بهذا النوع، ما يصيب العبد من إبتلاء من الناس وأذى بسبب ذلك، لكراهتهم لتمسكّه بدينه، ودعوته إلى سبيل ربّه.
    ومن حكمة السلف في ذلك، قولهم
    : "قضى الله في هذه الديار أن يبتلى الأخيار بالأشرار".
    النوع الثاني: الإبتلاء
    بالمصائب والنوازل، التي لا يمكن أن تنفك عنها أحوال العبد في هذه الحياة، كالفقر والمرض، وفقد الولد والوالد، ونقص الأموال، وتبدّل الأحوال،
    قال الله تعالى: {ما
    أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور} سورة الحديد: 22-23
    النوع الثالث: الإبتلاء بأذى الخلق وظلمهم، وعداوتهم
    وكيدهم، وتسلّط الفجار والأشرار، أو كل ذي قوّة جبار، وأكثر ما يكون هذا النوع، على سبب من أسباب الدنيا، تنافساً فيها، وتحاسداً عليها، وتكاثراً في جمع زينتها وحطامها، وفي ذلك يقول الحق سبحانه:
    { وجَعلنا بعضَكم لبعض فتنة أتصبرون وكان
    ربّك بصيراً} سورة الفرقان-20. " اهـ.
    مثل المؤمن في هذه
    الإبتلاءات:
    "وإن مثل المؤمن العاقل في هذه الإبتلاءات، كمثل السائر في
    سفر بعيد، إلى غاية شريفة، ليس له من الوقت إلا القليل، الذي يخشى فواته، وألاّ يكفيه لبلوغ غايته، فهو إذا تعرّض في طريقه لعقبات، نظر إلى شرف غايته التي يتطلع إليها فاجتازها، وإذا تزينت له المغريات لتصدّه عن سبيله أعرض عنها، وإذا ناوشه الأعداء المتربصون، يريدون أن يشغلوه عن سيره، ويقطعوه عن طريقه، فإن اشتغل بعداوتهم وردّ كيدهم، والإستجابة لحيلهم ومكرهم، شغلوه وأخرّوه عن غايته، وكثيراً ما يقطعونه عنها، فيبلغون بذلك غايتهم منه، وإن أعرض عنهم مضى في سبيله، وبلغ غايته، ولم يضرّه شيئاً.

    علاقتنا بمن يؤذينا، تحدد طبيعة
    موقفنا منه:
    واعلم أن المتعرض لك بالأذى لا يخلو من أحد الأحوال
    التالية:
    1- إما أن يكون متجنياً ظالماً، متعمدّا في ظلمه، مختلقاً لأمور لا أصل
    لها، وهي محض افتراء، ولم تتسبب له في ذلك، ولم يكن من سلوكك معه ما يبرر في نظره تجنيّه وظلمه.
    2- وإما أن يكون مخطئاً جارياً على ظنـّه ووهمه، يريد الحق ولا
    غرض له آخر من عصبيّة أو هوى، فهذا سرعان ما يئوب للحق إن تلطّفت له بالقول، وأحسنت الترفق به، وتعريفه بالحق الذي أنت عليه.
    وما أكثر من ينقلب هذا الفريق إلى
    الفريق الأول، بسبب إساءة القول معه وسوء التصرّف، ودفع السيّئة بالسيّئة، فيحمله الوقف الخشن على الظلم والتجنـّي، والعناد والمكابرة. ! " اهـ.
    "3- وإما أن يكون
    قريباً، له علينا حق الرحم والقرابة من النصح والتذكير، والتصحيح والإبانة، وصلة الرحم، وعدم الهجران والقطيعة، إلا لأمر شرعي، تترجح فيه مصلحة الهجر على مصلحة الصلة.
    4- وإما أن يكون بعيداً، لا صلة تربطنا به، فهذا له علينا أيضاً حق
    الإسلام من النصح والتذكير، فإن لجّ في طغيانه، قلنا له: "سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين".
    وإننا يجب علينا مع هذه الفئات كلها، أن نريهم من أخلاقنا ومعاملاتنا
    ما يغيّر مواقفهم ومعاملتهم لنا، وأسوتنا في ذلك المصطفى، صلّى الله عليه وسلّم، الذي ما كان يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، فإذا انتهكت حرمات الله، لم يقم لغضبه شيء.
    فعلى المؤمن العاقل أن يقارن ذلك بمواقف المصطفى وأخلاقه صلوات الله عليه
    وسلامه، كيف كانت سبباً في تحويل أعدى أعداء دينه ودعوته، إلى أخلص أتباعه المحبيّن، وجنده المقربّين، الذين يفدونه بمهجهم وأرواحهم وأمّهاتهم وآبائهم.
    وإن أكثر ما ينصب حديثنا في هذه الرسالة، على النوع الأول من الناس،
    إذا كانت تربطنا بهم أيّ رابطة، من قرابة أو عمل، أو أيّ صلة أخرى.
    ولا شك أن
    أشدّ أنواع الإبتلاء على النفس البشرّية، هو النوع الثالث منها، ولذا فإنّ حديثنا سيتركز على المعاني والمشاهد المتعلقة بهذا النوع، التي ينبغي على المؤمن، أن يستحضرها في نفسه، ويستشعرها في سلوكه وعلاقاته، ليهون عليه ما يلقى من أذى الخلق وكيدهم. " اهـ.

    "المعاني والمشاهد التي يستحضرها المؤمن،
    إذا ابتلي بأذى الخلق وكيدهم، لتقوى عزيمته على الصبر، ويسلو عما يناله من الشر:
    1- مشهد القدر: وهو أن يشهد أن ما أصابه، إنما هو بقدر الله، ولله
    في كل ما قدر وحكم، لا يحصيها أحد، ولا يحيط بها: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهدَ قلبه} سورة التغابن-11
    وفي الحديث الصحيح: (واعلم أن ما
    أخطأك، لم يكن ليصيبك، وما أصابك، لم يكن ليخطئك) .
    فيرى أن ذلك محض قدر الله
    وإرادته، {ولو شاء ربك ما فعلوه} وأن التأذيّ به كالتأذي بالحر والبرد، والشدّة والمرض، أو أي جماد أصابه فآذاه." اهـ.
    " 2- مشهد التكليف، وما وراءه من الثمرات
    والمراتب
    وهو أن يعلم أن الصبر تكليف كسائر التكاليف الإلهية، يجب عليه فيه
    الإحتساب لوجه الله، وإبتغاء مرضاته، وأن يستعين بالله على التحقق به وبلوغه، فالمؤمن مأمور في القرآن أن يصبر لله وبالله، وأن يكون صبره جميلاً: {ولربـّك فاصبر} ، {واصبر، وما صبرك إلا بالله} ، {فاصبر صبراً جميلاً}
    فالصبر لله، أن
    يكون الباعث له على الصبر محبّة الله، وإرادة وجهه، والتقرّب إليه، وإبتغاء مثوبته، لا لإظهار قوّة النفس، وحبّ محمدة الخلق.
    والصبر بالله، هو الإستعانة بالله على
    الصبر، وأن يرى أن الله هو المصبّر، فإن لم يصبّرك هو فلن تقدر على شيء من الصبر.
    والصبر الجميل: هو الذي لا شكوى فيه إلى مخلوق، ولا ضجر
    .
    ويكفي
    الصابرين ما لهم على صبرهم من المثوبة والجزاء، قول الله تبارك وتعالى: {إنما يوّفى الصابرون أجرهم بغير حساب}
    وأنهم أهل معيّة الله تعالى ومحبّته: {إن الله مع
    الصابرين} ، {والله يحبّ الصابرين}
    والعاقل لا يرى له عن الصبر والتحمّل
    للإبتلاء بديلاً، وإلاّ فما البديل عن الصبر ؟
    وإن لم يصبر الإنسان على ما ينزل
    به من البلاء، وسخِطَ وتضَجّر، أفيرتفع البلاء ويزول ؟ أم أنه يشتد ويتعاظم؟
    ولا شك أنه يشتد ويتعاظم، مع ما يحرم من أجر الآخرة، ومنازل المصطفين
    الأخيار...
    واعلم أن الصبر لا يعني ترك مدافعة الإبتلاء الذي يمكن دفعه، ولكن
    شتـّان بين دفع الإبتلاء مع الصبر والسكينة، والدفع بالتي هي أحسن، والبعد عن التبّرء والضجر، وبين اللجج في الشكوى، والتسخط من البلوى، والوقوع في البغي والعدوان، والظلم والتجنّي، والخروج عن حدود الشرع والأدب." اهـ.
    "ومما جاء عن
    السلف في لزوم الصبر، وعلوّ مقام الصابرين، وما يشتمل عليه الصبر من حقائق إيمانية رفيعة:
    - قول الجنيد رحمه الله: "المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هيّن على
    المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله تعالى شديد، والمسير من النفس إلى الله تعالى صعب شديد، والصبر مع الله أشدّ".
    - والصبر عن الله أشدّ، قال يحي بن معاذ رحمه الله
    تعالى: "صبر المحبيّن أشد من صبر الزاهدين، واعجباً ! كيف يصبرون ؟!
    - وقال
    بعضهم: "الصبر: الوقوف مع البلاء بحسن الأدب"
    - وأنشد بعضهم: الصبر يُحمد في
    المواطن كلّها *** إلا عليك، فإنه لا يُحمد
    - وقال بعضهم: "قوله تعالى: {واصبر
    } أمر بالعبادة، وقوله: {وما صبرك إلا بالله} عبوديّة، والعبوديّة أعلى من العبادة، لأن الفعل، يشعر بنسبته إلى العبد، وكون الفعل بالله، يؤذن بالتبرّي من الحول والقوّة.
    - وقال بعضهم: "أحسن
    جزاء على عبادة: الجزاء على الصبر، ولا جزاء فوقه، قال الله عزّ وجلّ: { ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
    - وقال
    ابن عيينة رحمه الله، في معنى قوله تعالى: { وجعلنا منهم أئمّة، يهدون بأمرنا لمّا صبروا...} : "لما أخذوا برأس الأمر، جعلناهم رؤساء" اهـ.

    مشهــــد المحاســـبة والتوبــــــة
    :
    "وهو أن تعلم أن الإبتلاء
    قد يكون بسبب تقصير منك، وأن ما تـُؤذي به محض عقوبة لك على أخطاء وقعت فيها، فيدفعك تسلّط الخلق بالأذى لك إلى محاسبة النفس على تقصيرك، وتجديد التوبة والإنابة إلى خالقك، فيكون ذلك من أعظم نعم الله عليك،
    وقد قال بعض السلف: "إني لأعصي
    الله، فأجد ذلك في خلق زوجتي ودابتي".
    فأكثر ما يصيب الخلق من الإبتلاء، هو من
    هذا القبيل، فقلّ من البغي والعدوان ما يكون محضاً، وبدون تسبّب، فلا ينبغي للإنسان أن يكثر اللوم للناس، والضجر من مواقفهم معه، قبل أن يحاسب نفسه، ويدقق في أعماله وسلوكه." اهـ.

    4- مشهد التقصيــــر والتفريــــط في جنب
    الله:
    وهو أن تشهد قصورك في حق العبودية لله وتفريطك، وأن الله سلّط عليك
    بعض خلقه بالأذى، دون ما تستحق بكثير، ولو أراد الله أن يجزيك بتقصيرك وإساءاتك، لصبّ عليك من البلاء ما لا قبل لك به ولا طاقة، ولكن الله رحيم بعباده، لطيف بخلقه، فتشهد لطف الله بك، ورحمته إيّاك فيما ابتلاك:
    {أولمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم
    مِثليها قلتم أنـّى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير} آل عمران-165
    وقد قال بعض الصالحين، لرجل تسلّط عليه بالأذى: "إن كنت ظالماً، فالذي
    سلّطك عليّ ليس بظالم".

    5- مشهـــد المعـــافاة من البغي
    والعـــدوان:
    "وهو أن تعلم أن الخلق فريقان: ظالم ومظلوم، ومعتدٍ ومعتدى
    عليه، فاحمد الله أن جعلك مظلوماً من الخلق لا ظالماً، فالمظلوم ينتظر من الله النصرة والتأييد، والظالم ينتظر العقوبة والأخذ الشديد:
    {وكذلك أخذ ربّك، إذا
    أخذ القرى، وهي ظالمة، إنّ أخذه أليم شديد} سورة هود-102
    وقد قال بعض السلف
    : "إنا لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه".

    6- مشهــــد التربيـــة والتزكيــــة، والتكفيـــر
    والترقيــــة:
    "وهو أن تعلم أن الله ابتلاك، ليذيب من نفسك حظوظ نفسك،
    ويحرق من قلبك أنانيتك وحب ذاتك، ويجرّدك عن التعلق بالخلق والإطمئنان إليهم، وليطهـّر نفسك من أدواء، لا يطهـّر منها كثير من الأعمال الصالحة، التي تأتيها، ففي الحديث الشريف:
    (ما يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب، ولا همّ ولا حزن، ولا أذى
    ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه) متفق عليه." اهـ.

    7- مشهــــد الفضـــل الإلهــــي
    والإحســــان:
    "وهو أن تعلم أنك على نعمة من الله تعالى وفضل، أنت غافل
    عنها، إذ يُبتلى الإنسان بأذى الناس ومكرهم إلاّ لما يكون عليه من نعمة الله وفضله.
    فاشهد ما أنت فيه من نعمة الله وفضله، تغفل عما ينالك من أذى من الخلق
    وابتلاء وتنساه، ويعظم ذكرك وشكرك لله.
    وأحمد الله أن كنت محسوداً، ولم تكن
    حاسداً.
    فهل رأيت فقيراً مسكيناً، يُحسد على بيته الخراب، أو لقمة عيشه
    المتواضعة ؟
    وهل رأيت مبتلى ببدنه، يتسلّط الناس عليه بالأذى ؟
    واعلم أنك
    تبتلى على قدر ما عندك، ونوع ما عندك، فإن كنت من أهل الدنيا، ابتليت بحسد الناس وكيدهم، وأذاهم وعداوتهم، وإن كنت من أهل الآخرة ابتليت على ما أنت عليه من أمر الآخرة، ليثبتّ الله قلبك، ويمتحن صدقك في دينك، ويرفع عنده منزلتك.
    فإن لم تبتل
    إلا على دنياك، فابك على نفسك، أن لم تكن من أهل السبق في أمر الآخرة، فلم تتعرّض للإبتلاء عليها." اهـ.

    8- مشهــــد الإصطفــــاء الإلهي
    ورفع الدرجـــات:
    "وهو أن تعلم أن إبتلاء المؤمن في هذه الحياة في دينه،
    إنما يكون على قدر إيمانه ويقينه، وليعلي الله درجته، ويرفع منزلته، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
    (أشدّكم بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل،
    ويُبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء) " اهـ.

    9- مشهـــد التأســـي برســـول الله، صلّى الله عليه
    وآله وسلّم، والتخلــّق بأخلاق الله:
    "وهو أن تذكر أن خواص عباد الله من
    أنبيائه ورسله، قد ابتلوا بأذى الخلق فصبروا، وعلى رأسهم سيدّهم وخاتمهم، سيدّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد أمره الله بالتأسّي بمن سبقه، فقال تعالى: {فاصــبر كما صبــر أولو العزم من الرســـل} .
    وكان صلّى الله عليه وسلّم، إذا ناله أذى
    من قومه ذكر من سبقه من الرسل، فقال متأسيّاً ومتواضعاً: (رحم الله أخي موسى، لقد ابتلي بأكثر من هذا فصبر)
    ولقد بلغ من صبر النبي على أذى قومه، أن عرض عليه في
    أشدّ حالات الأذى والإساءة أن يدعو على قومه، فقال: (اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون) .
    وفي مرجعه من الطائف، وعندما عرض عليه عذاب قومه وهلاكهم، فقال صلّى
    الله عليه وسلّم بعدما ناله منهم أشدّ الأذى: (لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم، من يعبد الله، ولا يشرك به شيئاً) .
    وليتدّبر المؤمن كيف أن أعداء الله
    تعالى، بلغ من كفرهم أن يتطاولوا على ذات الحق سبحانه، فينسبوا له الصاحبة والولد، ويزعموا له الشريك والمعين، ويصفوا الله بما لا يليق به من الفقر والبخل، والتعب والإعياء، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً، وهو الحليم عن عباده، الصبور على أذاهم، أفلا يرضى المؤمن أن يكون له أسوة بخيار خلق الله، وخواص عباده، وأن يكون متخلقاً بأخلاق الله تعالى، في الصبر والحلم، وهو القادر سبحانه على أن ينزل بأعدائه ما يشاء من المُثلات ؟!" اهـ.

    10- مشهــــد
    العفـــو والصفــــح والحلـــــم:
    "وهو مشهد مأخوذ من قصّة قَسَم
    الصدّيق، ألاّ ينفق على مسطح بن أثاثة، عندما تكلّم بالإفك، فنزل قول الله تعالى: {وليعفوا، وليصفحوا، ألا تحبّون أن يغفر الله لكم} ، فقال الصدّيق رضي الله عنه:
    "بلى، والله إني لأحبّ أن يغفر الله لي
    "
    ومن أجمل ما ينسب إلى الإمام
    الشافعي، وهو مستوحي من هذه الآية الكريمة، قوله رحمه الله تعالى:
    من نال منـّي
    أو علقت بذمّته = سامحته لله راجي منتـــّه
    كيلا أعوق مؤمناً يوم الجزا = أو لا
    أسيء محمّداً في أمّتـــه
    وفي هذه الأبيات ذوق رفيع، وأدب عال مع الله ورسوله،
    إذ إنه يعدّ مجازاة المسيء إليه بالمثل، فيها إساءة لرسول الله في أمّته، لأنها تعيق المؤمن عن دخول الجنة." اهـ.
    "وفي الحديث الشريف: (...وما زاد الله عبداً
    بعفوِ إلا عزّاً)
    وفي العفو والصفح والحلم من الحلاوة والطمأنينة والسكينة، وشرف
    النفس وعزّتها، ما لا يجده الإنسان في الإنتقام وجزاء السيئة بمثلها.
    ثمّ إن
    الإنتقام، قد يجرّ إلى الإنتقام، وقد يجرّ ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، عدا عمّا يورثه ذلك من قلق النفس، وتشوش البال، وشتات الفكر، وكم جرّت المشكلات الطارئة إلى عُقد طامّة داهية، ومعظم النار من مستصغر الشرر !
    وممّا يُعينك
    على العفو والصفح، أن تستحضر المعاني التالية:
    1- أن تعلم أن المعتدي
    المُسيء طالب لعفوك بحاله، وإن لم يطلبه بقاله، وهو سيطلب منك ذلك في الآخرة بحاله وقاله.
    2- أن تعلم أن ما أنت فيه من العافية ممّا وقع به خصمك، نعمة عظيمة،
    تستوجب عليك الشكر، بأن تعفو وتصفح. فالعفو من المعافاة." اهـ.
    "3- أن تشهد أن
    الله أقامك مقام الفاضل المتفضل، لا المفضول المتفضل عليه، والفاضل له اليد العليا، والمفضول له اليد السفلى، ولو شاء الله أقامك مقامه، وجعلك في موقف المحتاج إلى تفضلّه وإحسانه.
    4- أن تشهد أن حاجة المسيء إلى عفوك كحاجة الفقير إلى صدقتك
    وإحسانك، فكما أنك تشفق على الفقير المسكين، ولا تنتهره، فكذلك المسيء، هو محتاج إلى شفقتك وعطفك.
    5- أن تعلم أن كلاً من الناس ينفق مما عنده، فإذا عفوت، وصفحت
    وأحسنت، فاعلم أنك من ذوي الخير والفضل، وإن عجزت عن ذلك، فاعرف قدر نفسك، واجتهد في مجاهدتها على بلوغ مراتب البر والإحسان.
    واعلم أخي المؤمن ! أن مشهد قول الله
    تعالى: { ألا تحبّون أن يغفر الله لكم} ، أرفع حالاً، وأعلى مقاماً، من مقام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه).
    فهذا مقام عامّة المؤمنين، وذلك مقام
    خاصتهم، وقد صدّر كل مقام بما يناسبه، ومن نزل عن مقام الخاصة، لا يؤاخذ، ولا يأثم، بخلاف من نزل عن مقام العامّة.
    وإنما كان هذا مقام الخاصة، لأنه مشهد التعامل مع
    الله، فلا ينتظر المتعامل مع الله إحسان الناس وسابقتهم بالخير معه، أو مكافأته على ما يقدّم لهم من إحسان وبرّ." اهـ.
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد الرسائل : 2067
    البلد : مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Male_e10
    sms : يقينى.. بالله.. يقينى
    السٌّمعَة : 27
    نقاط : 2205
    تاريخ التسجيل : 28/09/2007

    بطاقة الشخصية
    النقاط:
    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Left_bar_bleue1/1مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty_bar_bleue  (1/1)
    الهواية:

    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty رد: مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 01, 2009 8:29 pm

    المشهد الحادي عشر:
    "وهو أعلى من مشهد الصفح والعفو والحلم، لإنه لا يكتفي به، بل يزيد
    عليه، أن صاحبه يتقدّم بالإحسان، إلى من لا ينال منه الإساءة والأذى، ومما يعين المؤمن على التحقق بهذا المشهد، أن يعلم أن من أساء إليه قد أهدى إليه حسناته،
    فينبغي له أن يشكر له معروفه معه وإحسانه، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
    وهذا
    المشهد باب تربوي كبير لقطع إساءة المسيء، وردّه عن غيّه وطغيانه، وقد روي أن بعض السلف كان يرسل هدية ثمينة لمن كان يبلغه عنه أنه يغتابه، ويسيء إليه، ويشكره على إهدائه لحسناته، ويعتذر إليه أنه يعزّ عليه أن يهديه من حسناته كما أهداه هو
    .
    وقد أشار إلى التدرج بين المشهدين قول الله تعالى: {والكاظمين الغيظ
    والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين} آل عمران-134
    وإنّ من أجمع الآيات التي
    أُمر فيها النبي صلى الله عليه وسلّم بمكارم الأخلاق، قول الله تبارك وتعالى: { خذ
    العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين} الأعراف-199
    وهي آية جامعة فذّة، جمعت
    بين الأمر بالصفات الإيجابية، وتحديد الموقف ومنهج التعامل مع ذوي الصفات السلبية، قال جعفر بن محمد رحمه الله: "أمر نبيّه صلي الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، وليست في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية
    "
    وروي عن ُأبيّ رضي الله عنه،
    قال: "لمّا أنزل الله عز وجل على نبيه هذه الآية، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ما هذا يا جبريل ؟
    )
    فقال جبريل عليه السلام : (إنّ الله أمرك، أن تعفو عمّن
    ظلمك، وتُعطي من حرمك، وتصل من قطعك
    ).
    ولا يقوى على ذلك إلا من يأنس بذكر الله
    ومجالسته ومعيّته، ويعيش مع الله تعالى في أحواله كلّها. وممّا يعينك على التحقق بهذا المشهد، أن تشهد المشهدين التاليين: " اهـ
    .

    المشهد
    الثاني عشر
    :
    "مشهد إلتماس الأعذار لمن أساء، وتقدير ما
    يترتّب من السيئات على مجازاته بإساءته
    :
    فقد يكون من أساء إليك أكبر منك
    سنّاً، أو ذا رحم وقرابة، أو سابقة في الخير وفضل، أو مرضاً يعذر بمرضه، أو غرّاً جاهلاً، أو مبتلى بأيّ نوع من الإبتلاء
    .
    وقد جاء عن السلف قولهم: "التمس لأخيك
    عذراً، ولو من سبعين باباً
    " .
    وتقدير ما يترتّب من السيئات باب واسع من أبواب
    كفّ الأذى عمّن أساء وآذى، نتعلّم ذلك من مشكاة قول النبي صلي الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه ، عندما استأذنه في قتل عبد الله بن أبّي، فقال له: (لا يتحدّث الناس أنّ محمدّاً يقتل أصحابه) . وفي رواية أنه قال له: (بل نُحسن صحبته ما بقي معنا) ، ومواقف المصطفى صلي الله عليه وسلم في ذلك أكثر من أن تحصى، ويقابل هذا المشهد
    : " اهـ

    13- مشهد رؤية الفضل وعدّ الحسنات
    :
    "ونتعلمّه
    من قول الحق سبحانه وتعالى، في موقف الصدّيق radeya1.gif السابق: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة، أن يؤتوا أولي القربى، والمساكين، والمهاجرين في سبيل الله
    ...} النور-22
    فقد مهّد الحق سبحانه بين يدي دعوة الصدّيق رضي الله عنه إلى العفو
    والصفح، بذكر حسنات المسيء، والتنويه بسابقته وفضله، فهو من ذوي القرابة والمساكين والمهاجرين في سبيل الله
    .
    وهدي النبي صلي الله عليه وسلم كلّه قائم على هذا
    المنهج الكريم، فعندما قال له عمر رضي الله عنه عن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه " "يا رسول الله ! إئذن لي أن أضرب عنقه فقد نافق" . في القصّة المعروفة، أجابه النبي صلي الله عليه وسلم بذكر حسنات حاطب، وأنه من أهل بدر، فقال: (وما يدريك، يا عمر ! لعلّ الله اطلّع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم
    ).
    وقال
    صلي الله عليه وسلم عن عثمان رضي الله عنه ، عندما أنفق النفقات العظيمة في سبيل الله: (ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم
    ).
    فدّل ذلك على أنّ من كانت له سابقته
    وفضله وبلاؤه، يغتفر له ما لا يغتفر لغيره، فما يقع منه من المعصية والإساءة خبث ولا شك، ولكنّ الماء إذا بلغ القلّتين لم يحمل الخبث
    .
    فانظر التقابل بين هذين
    المشهدين، تر العجب من منهج الإسلام العدل الحكيم، وتر أن كثيراً من الناس لا
    يقيمون هذا المنهج، ولا يحكمّونه في سلوكهم وعلاقاتهم." اهـ

    14- مشهـــد الإعتــزاز بالله، والإكتفـــاء بدفاع الحق
    سبحانه
    :
    "وهو أن تعلم أنك إن تركت الإنتصار لنفسك، وصبرت على أذى عدوّك
    وخصمك، تولّى الله تبارك وتعالى نصرتك والدفاع عنك، وهو مشهد مأخوذ من قول الله تعالى: { إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا } ، وقول الله سبحانه في الحديث القدسي
    : (من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب). " اهـ

    15- مشهد
    التصدّق بالعرض على المسلمين
    :

    وهو قمّة من قمم الجود والكرم، قد لا
    يستطيع إرتقاءها كثير ممّن عرف بسخاء اليد، وتعوّد على إنفاق المال في وجوه الخير، ولكنه لم يطوّع نفسه لهذا النوع من السخاء النادر، وقد روي عن بعض أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه كان إذا أصبح وإذا أمسى يقول
    :
    "اللهم ! إني أشهدك، أنني
    تصدقتُ بعِرضي على أمّة محمّد صلي الله عليه وسلم
    "
    وهذا الحال من أعظم الضمانات
    على الله سبحانه ، أن يكافيء مثل هذا المتصدّق بأعظم الجزاء، وأرفع العطاء بإذنه، فإنّ الجزاء من جنس العمل، وهو من مشكاة قول الحق سبحانه: { ألا تحبّون أن يغفر
    الله لكم } ؟

    16- مشهد الرحمة واللطف الإلهي: "بلاء دون
    بلاء، ومحنة دون محنة
    "
    "وهو أن يشهد رحمة الله تعالى به، ولطفه فيما
    ابتلاه، إذ لم يقدّر عليه ما هو أشدّ، ولم يبتله بما هو أكبر مما نزل به، فما من مصيبة إلا وهناك ما هو أشد منها وأكبر، فمن نظر إلى ما هو أكبر هان عليه ما أصابه
    .
    ومن نظر إلى الأقدار بعين الحكمة الإلهية، رآها عين الرحمة واللطف
    الإلهيّ، وانظر إلى قصة موسى عليه السلام مع الخضرعليه السلام ترَى هذا المعنى واضحاً جليّاً
    .
    وقد روي في بعض الآثار، أن العبد إذا نزل به البلاء، فقال: يا
    ربِّ ارحمني، قال الله تعالى: يا عبدي ! ممَّ أرحمك ؟ أمن شيء به أرحمك ؟
    وجاء
    عن عمر رضي الله عنه ، أنه كان يقول: " ما من مصيبة أصابتني إلا حمدت الله فيها على ثلاث: أنها لم تكن أكبر منها، وأنها لم تكن في ديني، وأنّ الله ألهمني الصبر عليها
    " .
    وممّا يعين المؤمن على شهود الرحمة واللطف الإلهي فيما يبتلى، أن يستحضر
    المعاني التالية
    :
    1- ملاحظة الوعد الإلهي الكريم بحسن الجزاء

    والمثوبة، على الصبر والإحتساب، وأن الله ما ابتلاك إلا ليكرمك ويعطيك، فحلاوة الأجر تنسي مرارة المحنة.
    2- إنتظار الفرج واليسر، وعلى قدر قوّة الرجاء، يتنسّم المؤمن في أتون
    البلاء روح الفرج ونسيمه وراحته، ويجد برد اليسر في تلافيف العسر، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما المشهور: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ) .
    3- تعداد النعم
    التي يتقلّب بها المؤمن، وعظيم الفضل وسابغ الإحسان وسابقه، فإن تعداد النعم يخفف مطارق البلاء، وبخاصة نعمة الإيمان والهداية، وما يتصل بذلك.
    فإذا تذوق المؤمن
    هذا المعنى، وسيطر علي منافذ حسِّه وشعوره ، هان عليه ما نزل به من البلاء، وهذا من مشكاة قول الله تعالى: { وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها، إن الإنسان لظلوم كفار} (إبراهيم-34)

    وقد روي عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى، أنه لما توالت
    عليه المصائب قال:
    " اللهم ! لك الحمد، لئن أخذت ولداً، لقد تركت أولاداً ، ولئن
    أخذت طرفاً، لقد أبقيت أطرافاً ، فلئن أخذت، لطالما أعطيت، ولئن ابتليت، لطالما عافيت" . "اهـ

    17- مشهد الحبّ لله والرضا بما قدّر الله
    :
    "وهو لا يكون إلا للنفس المطمئنّة، لا سيّما إذا كان ما أصيبت به في
    سبيل الله، وفي مرضاته ومحبته، فإنها ترضى بما نالها في الله، وهذا شأن كلّ محبّ صادق، ومتى تسخّط وتشكّى، كان ذلك دليلاً على كذبه في دعوى محبّته.
    ومَن عاش مع
    رضوان الله ومحبّته، يوّرثه ذلك من الأنس بالله والفرح بقربه، ما يشغله عن أذى الخلق وإساءتهم وجفائهم، ولا تقع إساءتهم منه إلا كإساءة عبد مملوك، لجليس ملك من الملوك، وكيف يترّفع ذلك الجليس عن ردِّ الإساءة، إكراماً وإجلالاً لمن هو في حضرته؟ ويكون له ممّا هو فيه شغل عن الإنصراف إلى ردِّ الأذى، ودفع العدوان.
    وتأمّل
    قول النبي صلي الله عليه وسلم عندما رجع من الطائف، ودعا بدعائه المشهور، وممّا قال فيه:
    (إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك أوسع لي،... لكَ
    العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلا بك) ." اهـ

    18- مشهد التحرّر من رؤية الخلق، والركون إليهم، والتماس الجاه عندهم
    "وقد
    قال بعض السلف: "إنما أجرى الأذى على أيديهم، كيلا تكون ساكناً إليهم، أراد أن يزعجك عن كل شيء، حتى لا يشغلك عنه شيء" .
    وقال بعضهم: "لولا أذى الخلق لرقد
    العبد في ظلِّ العزِّ والجاه، وهو حجاب عن الله عظيم."
    ومن كلام بعضهم: "من
    لطائف مِنَنِ الله على أوليائه، أن يسلّط الخلق عليهم بأنواع الأذى، ليطهرّهم من البقايا، ويكمّل فيهم المزايا، ولئلا يسكنوا يساكنوا هذا الخلق باعتماد، أو يميلوا إليهم بإستناد، ومَنْ آذاك فقد أعتقك من رِّق إحسانه، ومَنْ أحسنَ إليك فقد استرقـّكَ بوجود امتنانه." ،
    ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم : (مَنْ أتى
    إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه) .
    كل
    ذلك ليتخلّص القلب من رقِّ إحسان الخلق، وليتعلّق بالملك الحق، مع القيام بحق الخلق بأداء واجب الشكر على إسداء المعروف، والإعتراف بالفضل لذي الفضل.
    فالمنع من
    الله إحسان، ومَن وقف مع عطاء الخلق، وعلّق قلبه بهم فذلك غاية الحرمان.
    وإنّ
    مَنْ يتحقق بهذا المشهد، يتفرّغ قلبه من الأغيار، فيملأه الحقّ بالمعارف والحقائق والأنوار " اهـ

    19- مشهـد الإستيحاش من الخَلق، والأنس
    بالحقّ
    "وإنمّا يبتليك بأذى الخلق لتستوحش منهم، ولا تركن إلى صحبتهم،
    ولا تنبسط إليهم، فإذا تحققت بذلك، فتح لك باب الأنس به سبحانه، والولوع بذكره ومناجاته،
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد الرسائل : 2067
    البلد : مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Male_e10
    sms : يقينى.. بالله.. يقينى
    السٌّمعَة : 27
    نقاط : 2205
    تاريخ التسجيل : 28/09/2007

    بطاقة الشخصية
    النقاط:
    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Left_bar_bleue1/1مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty_bar_bleue  (1/1)
    الهواية:

    مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء Empty رد: مشاهد الاتقياء في الصبر على البلاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 01, 2009 8:31 pm

    والزهد بلقاء الناس وصحبتهم، إلاّ على مقتضى الشرع، ولإقامة أحكامه وحدوده." اهـ

    20 - مشـهــد التوحيـــد الخـالص، والتفويـض،
    والتـوكل
    "وهو أجلّ المشاهد وأرفعها، وأعلى المنازل وأجمعها، فإذا امتلأ
    قلبك بمحبّة الله، والإخلاص له ومعاملته، وإيثار مرضاته وحبّه، والتقرّب إليه وقرّة العين به، والأنس به والتوكل عليه، فإنه لا يبقى في قلبك متسّع لشهود أذى الناس له، فضلاً عن أن يشتغل قلبك وفكرك وسرّك، بطلب الإنتقام والمقابلة، ومثلك في ذلك كمثل الذي امتلأ قلبه بأعلى الأغذية وألذها، فإنه لا يلتفت إلى ما دونها، ولا يتطلّع إليها
    .
    وذلك فضل الله، يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم
    .

    وفي الختام: اعلم أخي المؤمن
    !
    أنّ مدار هذه المشاهد والمعاني
    كلها على جملتين جامعتين، ذكرهما الإمام الربّاني عبد القادر الجيلاني، رحمه الله تعالى، فقال: "كن مع الله بلا خَلـْـق، ومع الخَلقِ بلا نَفس
    ".
    فما أجمل هاتين
    الكلمتين ! وما أجمعهما لقواعد السلوك الإسلامي الرشيد ! ولكل خلق نبوي كريم
    !
    وإنما ينشأ فساد الخُلـُـق مع الله ومع الناس، من توسّط الخَلق بينك وبين الله
    تعالى، وتوسّط النَفس بينك وبين الناس
    .
    فمتى عزلت الخَلق عن حقِّ ربِّك، وعزلت
    نفسك عن التوسّط بينك وبين الناس، فزت بكل محبوب، ونجوت من كل مكروه
    .
    وإنك لن
    تستطيع التحقق بهذه المراتب والمعاني، إلا بالمجاهدة الصادقة، والمحاسبة اليقظة، والصدق مع الله تعالى أن يكرمك بهذه المنازل الرفيعة، فاستعن بالله ولا تعجز، وقل في كل حال: { وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب
    } .
    هذا والله سبحانه
    وتعالى أعلم، وصلّى الله على سيدّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. " اهـ


    _________________

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:46 am